المركب المصدري

المركب المصدري

        نريد بالمركب المصدري ما كان مكوّن من مصدر ومفعول, وقد أخرج النحويون هذا المركب من دئرة الجمل لأنّ الإسناد فيه ليس أصيلا[1]. وعده بعض النحويين في حكم المركبات التقيدية[2].

        قرر النحويين أنّ المصر يعمل عمل فعله في موضعين[3] :

1.   إذا صح أن يحل محله "أن أو ما" مصدريتان والفعل مثل: عجبت من إهانتك الزائرين, والتقدير: عجبت مني أن تهين الزائرين, وأضاف بعض النحويين هذين الحرفين "أن" المخفّفة من الثقيلة مثل: عملت إكرامك الضيف والتقدير : عملت أن قد أكرمت الضيف لأن "أن" مخففة لوقوعها بعد العلم.

وقد يضاف المصدر إلى فاعله دون أن يذكر المفعول به إذا لم يتعلق للغرض بذكره كما في قوله تعالى "وما كان استغفار إبراهيم لأبيه".[4] أي ما كان استغفار إبراهيم ربه لأبيه, ومثل: ظلم الحاكم يعصف بحكمه أي ظلم الحاكم الرعية يعصف بحكمه.

وقد يضاف المصدر الى المفعول به ويرفع الفاعل ومن ذالك قول الرسول: وحج البيت من استطاع إليه سبيلا" اي وحج البيت المستطيعون.

وقد يضاف المصدر الى المفعول به دون أن يذكر الفاعل إذا لم يتعلق الغرض بذكره كما في قوله تعالى : "لا يسأم الإنسان من دعاء الخير[5]" أي من دعائه الخير, وكقولنا : تشجيع المجد واجب. وقول الحق منج.

وقد يضاف المصدر الى الظرف ويرفع الفاعل وينصب المفعول به مثل : إهمال اليوم المريض  الدواء معوّق للشفاء.

أمّا المقترن بأل فأجاز الخليل وسيبويه إعماله عمل الفعل مطلقا ومنعه المبرد[6] ومن شواهد إعماله قول الشاعر[7]:

        ضعيف النكاية أعداءه         *       يخال الفرار يراخى الأجل

وعلى ذالك يصح أن نقول : المنافق كثير الخداع أصدقاءه, أمّا المنون, وقد مثل له النحويون بقوله تعالى: "أو إطعام في يوم ذي مسغبة يتيما[8]".

ولهذ الهيئة التركيبية سمات خصة نوجزها فيما يلى:

1.   ألا يتقدم المعمول المصدر عليه إلا إذا كان المعمول ظرفا أو جارا ومجرورا ويصح أن نقول أعجبني مكافأتك الفائز وسرنى مساعدتك المريض.  المثل عنّي: أمراني منصر زيد الضعيف

2.   ألا يفصل بين المصدر ومعمول المصدر بفاصل أجنبي[9] ولا يتابع بل يجب أن يقع بعد المصدر معمولاته فينبغي أن نقول : صوم المسلمين رمضان فرض, وإخراجك الزكاة واجب, وعجبت من مكافأتك الفائز السخية. المثل عنّي: وإكرامك الضيوف مؤكّدة.

3.   لا يجوز حذف المصدر وأيقاء معموله إلا إذا كان المعمول ظرفا أو جارا ومجرورا ولهذا جاز أن يقول للجار والمجرور في"بسم الله الرحمن الرحيم" متعلقا بمصدر مخذزف, والتقدير ابتدائى باسم الله. المثل عنّي: بالله أنا أقسّم اي التقدير إبتدائ بإسم الله.

وقد يحدف ويبقى المضاف اليه آخدا للحكم الإعرابى للمصدر المحذوف كقوله تعالى: "واشربوا في قلوبهم العجل" ايحب العجل.

4.   إضافة المصدري إلى فاعله او إلى مفعوله إضافة محضة تفيد التعريف او التخصيص, ويشغل هذا المركب المواقع الآتية:

1.   المبتدأ مثل قولك الحقّ ينجيك, المثل عنّي: صونك الخير يكرمك

2.   الخبر مثل : الإنصاف قولك الحق, المثل عنّي: الأخلاق الكامل صونك الحق

3.   الفاعل مثل: سرني استثمار لأغنياء أموالهم في الخير, المثل عنّي: مرّني ابتسام لأخيك نفقاتهم في سبيل الله.

4.   نائب الفاعل مثل: شرع إعطاء الموسرين الفقراء حقهم, المثل عنّي: فرض إعمال الصوم في رمضان.

5.   المفعول به مثل أبغض نفاقك الناس, المثل عنّي: أحبّ أحبابك الجميلة.

6.   المجرور بالحرف مثل : في طاعة المؤمن ربه نجاة له, المثل عنّي: في طريقة الرسول ربه تسليما له.

7.   المجرور بالإضافة مثل سرنى نبأ تبرئة القاضى المتهمين, المثل عنّي: مرّني نصر أخيك ينجيك المجتمع.   

2.    أن يكون للمصدر بدلا من اللفظ بفعله نحو إكراما الضيف, فإكرما مصدر حل محل الفعل أكرم وصار بدلا منه في اللفظ والضيف مفعول به لهذا المصدر.

وقد يلي المصدر جار ومجرور مثل : سقيا لك ورعيا لزيد, المثل عنّي: وقيا لك ورأى العين. ويكون الجار والمجرور معمولا المحذوف مسوق للتبيين اي لك أعنى أو لزيد اعنى, أو الجار والمجرور خبر لمخدوف تقديره إردتي أو دعائي.

ونلاحظ أن المركب المصدري في هذا الموضع محول عن المركب الفعلى حذف فعله خذفا لازما أو جائز سواء لكان المصدر هو العامل في المنصوب بعده أو الفعل المحذوف هو العامل.

---

[1] أنظر : شرح الراضى على الكافية, 1 : 80

[2] أنظر : كشاف اصتلاحات العلوم والفنون, 3 : 12

[3] أنزر الأشموني, 2 : 187

[4] سورة التوبة, أية : 114.

[5] سورة فصلت, أية : 49.

[6] أنظر : شرح الكافية المرضي, 2 : 196, 197. وانظر الهسع, 2: 93.

[7] البيت من أبيات سيبويه المجهولة النسبة, أنظر كتاب سيبويه 1 : 193 هارون والخزانة 3 : 439 الأميرية.

[8] سورة البلد اية 14

[9] المراد ما ليس متعلقا بالمصدر ولا متمما له كالمبتدأ واخبر والفاعل وغير ذالك